العدد الثاني والعشرون
تقنية (GPT) والتحولات النسقية في إصــدار وصناعة الفتــوى في المالية الإسلاميــــة
العدد الثاني والعشرون
تقنية (GPT) والتحولات النسقية في إصــدار وصناعة الفتــوى في المالية الإسلاميــــة
إنّ مجال الذّكاء الاصطناعي التّوليدي يعرف استمرارًا كبيرًا في المزيد من الحضور الاعتباري، في مشابهة التجليات الإنسانية، وخدمة حاجاته ورغباته، وخاصة النماذج المدربة مسبقًا (GPT)، والتي أنتجت طفرة متسارعة في التجاوب مع مخرجاتها، حيث ستحدث -في سياق استشرافي- تحولًا في الأنساق الفكرية والاجتماعية، كما سيكون لها الأثر في تغير محدداتها المرجعية الأخلاقية والشرعية، وقد أظهر البحث بشكل عام أنّ التقنية وتنبّؤها يكون على أساس الأنماط التي درّبت عليها، وتستجيب وفقًا لذلك، وعليه فإنّ الاستخدام غير المسؤول للتقنية يمكن أن يسبّب وينشئ فوضى معرفية، ومن ذلك ما يمكن أن يعرفه إصدار وصناعة الفتوى في المالية الإسلامية. وقد خلص البحث إلى حضور مجموعة من التجليات والتحديات فيما يتعلق بإصدار وصناعة الفتوى في المالية الإسلامية عبر توظيف التقنية، أهمّها؛ سيطرة النسق الوعظي على الفتوى في المالية الإسلامية، واضطراب نسق المنهجية في توظيف المرجعية الشرعية، مما سيولّد اضطرابًا في الآراء الفقهية، باعتماد آراء بعض المعاصرين من المتخصصين نصًا في التوليد، وسيخرجها عن مدركاتها، ويجعلها مفصولة عن أدلتها، وعن مناطاتها ونسقها السّياقي الاجتهادي الذي خرجت منه، وبالتالي ستكون النتيجة؛ بناء الآراء على غير حقيقتها، كما سيتجسد عدم الإعلان عن معالم مرجعية ومنهجية للاستمداد والنظر، كما ستجلي تحوّلًا على مستوى حضور الفقيه المفتي، عبر إعلان نهاية الفقيه المفتي إلى نسق اللاّمجتهد واللامقلد، في غياب تام لشخصيته الاعتبارية التي كانت تتجسد مع المستفتي، وفي سياق عام سيعلن نشأة ما يمكن توصيفه بالتدين الرقمي التواصلي. كما تأكّد من خلال البحث؛ إمكانية استثمار التقنية في إصدار وصناعة الفتوى في المالية الإسلامية، وذلك عبر الضّبط المرجعي، بإبراز معالمها ومحدّداتها التوظيفية، تجنبًا للاضطراب المعرفي، وللتناول الظاهري والمجزّأ للنص الشرعي، وتوليد لاستقراءات موضوعية معتبرة شرعًا، كما تأكد ما يعتري التقنية من إشكالات منهجية، تستدعي إعادة النظر فيها بالضبط، من أجل توظيف شرعي سليم لها. الكلمات الرئيسية: الذكاء الاصطناعي، تقنية (GPT)، النسقية، إصدار وصناعة الفتوى، المرجعية الشرعية، المنهجية، المفتي.